القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
35573 مشاهدة print word pdf
line-top
الناقض التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى

أما الناقض التاسع هو، ذكروا أن موسى ديانته أو رسالته خاصة بقومه، فلذلك لم يكن أهل زمانه كلهم مكلفين برسالته فوسع الخضر أن يخرج عن رسالته؛ فلذلك نقول من اعتقد أن أحدا من الناس يسعه الخروج عن هذا الدين وأن له أن يدين بدين أخر فإنه كافر ولو استدل بقصة موسى وأن موسى اقتصرت ديانته على قومه أو على قوم فرعون .
نقول ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم– قال: كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة فنبينا صلى الله عليه وسلم رسالته عامة كما قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ويدل على ذلك خطابته بلفظ يا أيها الناس كقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ يا أيها الناس كلمة الناس يدخل فيها جميع الخلق عربهم وعجمهم فرسالته عامة فليس لأحد أن يخرج عن رسالته، وأن يدعي أنه على دين سماوي ولا يلزمه اتباع هذا النبي الكريم.
وذكر ابن القيم رحمه الله أنه جادل رجلا نصرانيا أو يهوديا وقال له: أنتم باعتقادكم تشتمون الله، وتتنقصون ربكم تنقصا عظيما؛ لأنكم تدعون أن محمدا كاذب وأن الله مع كونه كاذب أيده ونصره وأعزه وأظهر دينه، وأظهر الإسلام على يديه، ونشر الإسلام في أرجاء البلاد، والله يقويه ويؤيده ويمده بالقوة وهو مع ذلك مفتر كذاب في زعمكم، فقال ذلك اليهودي: لا نقول أنه كذاب بل نقر بأنه رسول ولكن نقول: إن رسالته خاصة إلى العرب، فلا يكون رسولا إلى غير العرب فقال: إذا فقد كذب في قوله إن رسالته عامة ومع ذلك أيده الله وهو كاذب في زعمكم حيث ادعى أن رسالته عامة.
فالحاصل أن هذه شبهتهم يقولون إن رسالته إلى العرب خاصة، لا شك أن هذا طعن في الله تعالى، فالحاصل أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة لكل من على وجه الأرض ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت يوم يموت ولا يؤمن بي إلا دخل النار ؛ وذلك لأن رسالته خاتمة الشرائع ودينه خاتم الأديان، فلابد أن يكون عاما لكل من على وجه الأرض فليس بعد دينه دين ينسخه، وليس بعد القرآن قرآن يغيره فكان بذلك ملزما أهل الأرض أن يدخلوا في دينه فلا يسع أحدا أن يخرج عن دينه وأن يدين بغيره.
كذلك أيضا لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم نسخ ما قبله من الأديان ، فالتوراة التي عند اليهود ما فيها من حق منسوخ، وكذلك أناجيل النصارى ما فيها من حق فإنه منسوخ بهذا القرآن الكريم، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى مع عمر أوراقا استنسخها من اليهود فغضب لذلك وقال: لقد جئتكم بها بيضاء نقية أمتهوكون يا ابن الخطاب لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي إذا كان موسى لو كان حيا دان بهذه الرسالة، فكيف يقول أحد الأفراد: دين محمد يختص بكم أيها العرب ونحن على ديننا الأصل الذي هو أقدم من دينكم، نقول: إن هذا قول باطل لا يجوز اعتقاده.
ومعلوم أيضا أن دين الإسلام لا يتجزأ ، بل يلزم من دان به أن يقبله كله وألا يقبل بعضه ويرد بعضه، فإن ذلك تصديق له في البعض دون البعض فالذين يقولون نأخذ من الدين ما يناسبنا ونرد ما لا يناسب، هؤلاء أيضا ما صدقوه بما جاء به أو ادعوا أن دينه إنما يناسب زمانا دون زمان وهذا أيضا طعن في رسالته.

line-bottom